ورحل بائع الكتب

ورحل بائع الكتب
...........
م.سالم عاصم

عندما يقاس مدى ثقافة وتقدم الأمم فإنه يقاس بالقراءة والإطلاع   فأول ما أنزل على رسولنا الكريم من كلام رب العزة قوله تعالى : (اقرأ ) فهو سر تقدم الأمم والشعوب ، فقد كنا نحن العرب والمسلمين كذلك في العصور الوسطى عندما كثر العلماء والمؤلفات في مختلف العلوم والآداب ..
لقد أضحت الشحر في ظهيرة هذا اليوم الأربعاء حزينة تواري دمعاتها المنسكبة على خديها لعلها تخفف عنها جزء مما أصابها موقنة و محتسبة لقضاء الله وقدره.
لقد رحل بائع الكتب ..
نعم لقد توفي زكي عبدالله الأرضي ..
كان وقع الخبر علي أليما أدار عجلة الذكريات عندما كنا نخرج سويا من مسجد شيخة بالمنصورة نتبادل أطراف الحديث وعندما شكيت له بعض الإشكالية لدي في التحدث في اللغة الإنجليزية فأشار إلي بكتاب استفدت منه استفادة كبيرة في تطوير مهاراتي  ..ةلقد كان لي أخا أكبر أكثر من كونه جارا  فكنت أسئله بعض الأسئلة فيجيب لي ويسعدني بكثير من المعلومات فكان موسوعة بالقراءة والاطلاع.
يقطع المسافات من بيته إلى مكان عمله وإلى السوق مشيا على الأقدام ما لم يقف أحد الإخوة لأخده على طريقه .. لقد تشرفت أكثر من مره بأخذه على حماري الرياضي ويقطع المسافة دون أن أشعر بها
لقد كان مهتما بالكتب قنوعا بالقليل غير مكترث بتراجع مستوى البيع جراء تطور العلم والأجهزة الإلكترونية
.. حريصا على الذهاب للمعارض في شتى المدن لجلب الكتب وشارك في عدد من المعارض ، التقيته ذات مرة على متن أحد الباصات ذاهبا إلى صنعاء لجب بعض الكتب .. فتجد مكتبته الصغيرة مليئة بأنواع مختلفة من الكتب في شتى المجالات منها الدينية والثقافية والفكرية والعلمية وغيرها .. فيعتبر وجههة لكن يبحث عن كتاب وفي حالة عدم توفرخ يسارع بالاتصال بعدد من بائعي الكتب في المحافظة وعلى مستوى الجمهورية لجلبه للزبون دون كلل أو ملل.
لقد كان طفي الكهرباء وفق البرنامج المفروض علينا مع ضغط العمل عليه هذه الأيام في موسم بيع المستلزمات المدرسية في انفجار كبير في الدماغ اظهره جهاز الاشعة المقطعية في المكلا بعد تحويله إليها لتسلم الروح إلى بارئها في ظهيرة هذا اليوم.
وفي المساء مع توديع العام الهجري 1438هجرية كانت الشحر مع توديع آخر ، كانت الجموع - التي لم أشاهد لها مثيل - تملاء أروقة وساحات مسجد أبوبكر بن شيخ بل امتدت كذلك إلى الشوارع القريبة  لتشيع طيب القلب وحبيب الجميع وصاحب الابتسامة الذهبية بائع الكتب زكي عبدالله الأرضي بعد الصلاة عليه إلى أن وسد في التراب في مقبرة عبدالرحيم بالشحر ليغلق الستار عن أعجوبة من أعاجيب هذا الزمن.
رحم الله أخينا بائع الكتب زكي عبدالله الأرضي ونسائل الله أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جنانه ويرفع درجاته في عليين ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصن بن عياش من أقدم القصور التاريخية في الشحر

الحب يقع قتيلاً بين إمرأة عنيده ورجل ذو كبرياء!

حكاية اسطورة الشهداء السبعة