محمد سالم قطن ... الشحري المتقن والمتقون

*محمد سالم قطن ..... الشحري المتقن والمتقون*

هذا الشحري المتقِن والمتقون، العميق كوادي سمعون، البسيط كمقهاية مبارك يسلم. الأستاذ الصحفي المثقف الثقيل في الميزان، الخفيف الظل كنسمة شحرية مسائية، المترجم الذكي الحصيف. هذا الكبير الذي يمنح للكبر معنى خاصاً متخففاً من الادعاء والزيف. 
هذا الجميل كطيف أغنية "ذا فصل حيْ ممساك"، العذب الرُّوح، الطازج المرح، القويّ الناعم كخيزرانةٍ في برع السدة، لا تلقاه، ولا يمر طيفه الشفيف بخيالك إلا وتقول: هي الشحر إذاً، هذه الدرّة التي تعطي بسخاء و لا تأخذ، كحضرموت، وهذا هو "قطن" الذي تعلمنا منه صغاراً معاني في ماهية الإنسان الحقيقي والمتعلم الجاد والأستاذ المتمكن والصحفي المبدع والذي يحسبه الجاهلون لا يدري وهو أدرى وأخبر، ولكن لا يشعرون.
لأول مرة سمعت هذا الاسم قبل 35 عاماً، كنت حينئذ طالباً في ثانوية الشحر للبنين، وكان الأستاذ محمد – متعه الله بالصحة – أستاذاً بالقسم العلمي، فلم أشرف بالتتلمذ الصفّي المباشر، لأنني كنت بالقسم الأدبي، لكن متاخمته الأدبية والصحفية كانت دليلي إليه، وسمعت عنه، وقيل عنه، حتى عرفته يقيناً بالتفاصيل المُسعد منها والمحزن، فامتد بيننا نغمٌ من محبة وأريحية كالطل الشحري في الفجريات الشتوية، ولعله لا يعلم أنني كالمئات غيري تعلمنا منه مجاناً، فهو مدرسة من مدارس "المشاعية" الصحفية الجميلة، شخصية تعيدك إلى كتب التراث المثيرة حيث الكاريزما ليست جهامة ولا وسامة، ولكنها مهابة. مهابة العارف الواثق المستخف بأدخنة عابرة سرعان ما تتلاشى، في فضاء أوسع.
محمد سالم قطن أستاذ جليل جميل جداً، لا عجب أن يكون نسيج وحده، فمثله لا يتكرر إلا على رأس كل قرن، أو هكذا أظن، لكنه جزء أصيل من نسيج شحري لطيف لا مبالغة بالقول إنه ممتد فينا نسوغاً ممتدة في نسوغ. 
هذا قطن، وهذه الشحر التي لكل منا فصول بديعة مع شخصياتها المدهشة، أساتذة، وزملاء، وأصدقاء، وأدباء، وشعراء، وفنانين، ورياضيين، وحرفيين، وموظفين، وظرفاء، ومجانين أيضاً. 
محبات شاهقات جداً، 
لك أستاذي العزيز، 
ولأمنا الرؤوم التي لم يبالغ المحضار إذ قال عنها:
الشحر أرض الفن أرض المتقنين الشحر بندر
ذي فنها ظاهر ، وعاد الفن بدوي ما تحضّر.

عن صفحة الدكتور سعيد الجريري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصن بن عياش من أقدم القصور التاريخية في الشحر

الحب يقع قتيلاً بين إمرأة عنيده ورجل ذو كبرياء!

حكاية اسطورة الشهداء السبعة